اللحن العراقي
والحزن توأمان وسيمان
إعداد :هند
عندما كنت صغيرة كانت والدتي تدير اسطوانة الغناء ويبدأ
اللحن العراقي رحلته فينا , تربيت على أغاني سعدون جابر وقحطان العطار وفؤاد سالم
والياس خضر.
رغم صغر سني في تلك المرحلة إلا أن الحزن كان يرتكب
فعلته بي أيضا كما الكبار
.
كم نحن جميلون حين نحزن ..؟!
حين تقطر الروح مخزون الفرح فينا , كم نحن قريبون ..؟!
حد الالتصاق , كم نحن متوحدون ..؟! حد الهذيان ,
بعكس ما نكون في قمة لحظات الفرح , انانيون جدا ,
وثراثون كذلك .
بمجرد سماعك للحن العراقي تبدأ تتقوقع على نفسك , تلبث
أنت وذكرياتك المنسية , حوار صامت مؤلم, بينك وبين الماضي الجميل .
قد لا تكون على معرفة برائحة خبز التنور , والقهوة
العربية الاصيلة , رائحة الارض الرطبة , والهيل , لكن النغم العراقي يدخلك رقصة
على اوتار الذكرى العذبة , الصور الجميلة .
"تريد تروح وتنسانا
جروح القلب وجعانة
تتركنا بنص المي , قطرة مي عطشانة " .
أن تسمع أسعد الجابر بهذه الكلمات وانت بنشوة سعادتك ,
كفيل بأن يعيد بعث الحزن والذكرى الدفينة فيك , أن يأخذك مركب الحزن , تصعده
وتنزله مرارا ,
ولا يبقى منه سوى اللحن عالقا بروحك , يفتك بها ويهيج الذاكرة
وأنت في عز لحظات سكرتك
.
"ما ندري حبك شمع بنص الليالي وذاب ..
ما ندري شوقك شمع بنص اليالي وذاب ..
مرنا قصايد عشق مر لا تخلينا "
هكذا غنى فؤاد سالم مطرب يتقلب بين اللوم والغربة
والوفاء , وتتقلب اعماقك معه كذلك , طقس من الحنين اللذيذ والعتاب الفاتك يعتريك .
حاله
حال كمال محمد وحميد منصور , نفتقدهم كثيرا في الساحة الفنية حاليا , نفتقد اللحن
العراقي العتيق, حتى أن فنانو هذا الجيل , يعيدون مركزهم الفني بين الجماهير إن
اختلت نجوميتهم ,
بإحياء
بعض الاغاني العراقية, لكن بلحن أسرع , وحداثة لتوافق هذا الجيل .
نحن الجيل القديم العصري , لازلنا نعشق اللحن العراقي
كما هو .. وبذات الحزن الذي يبثه,
فاللحن العراقي والحزن .. توأمان وسيمان .
0 التعليقات:
إرسال تعليق