بحث

الثلاثاء، 1 يناير 2013

الهلوسة الفنية "الدالية" ..


الهلوسة الفنية "الدالية"

إعداد : أريج حمود

للوهلة الأولى ستشعر بالعجر أمام كائناته و حتماً سيصرخ في ذهنك سؤال : " شو تركيبة مخ هالبني آدم ",  يلحّ عليك كلّما
 تعمقت و توسعت بالاطلاع على حياته و أعماله معاً, ستصدم حتماً , كيف لا ؟ وأنت أمام المجنون الــعبقري ( سلفادور دالي ).
سلفادور دالي الكتالوني الإسباني يعتبر من أشهر فناني القرن العشرين و أكثرهم شهرة في بلاده بعد بابلو بيكاسو ,ويرى
النقاد والمؤرخون أنه رسام السريالية بامتياز .  مثيراً في أوساطهم الفضول والاستغراب والدهشة بموضوعاته وأعماله غير
المألوفة والتي تصل حد اللامعقول و الاضطراب النفسي .

التحلل من واقع الحياة الواعية وكأنما خرج من غياهب الأعماق اللاواعية يعبث بالذاكرة و يبعث الفوضى في زوايا الواقع شعور
بالالتباس و أنت تغوص في تفاصيل أعماله التي قرأ وجوده من خلالها  تنتزعك من الواقع و تلقيك بعيداً على شواطئ اللاوعي , أمام
فضولك وعجزك أمامها لا يمكن إلا أن تغوص في تفاصيلها محاولاً استخلاص المعاني الماورائية و خائباً في مبتغاك معظم الأحيان .
فيلمه ( كلب أندلسي ) دليل على أنك ستقف عاجزاً تماماً و ربما مندهشاً حدّ الصدمة و أنت تحاول الفهم والتحليل متحيّراً في إعطاء
ما ترى أيّ إشارة منطقية تستيع عبور تلافيف مخك .
عام 1928 كتب دالي في باريس سيناريو فيلم "كلب أندلسي" والذي أخرجه المخرج الإسباني لويس بونويل، ويبلغ طول الفيلم 17 دقيقة
وهو مزيج حُلمي غريب، والمشاهد والأفكار لا يمكنها أن تثير تفسيراً عقلانياً من أي نوع: شفرة موسى تفقأ عين فتاة، رجل ينزع فمه من وجهه،
بيانو تزينه جثث حمير، نمل يزحف على يد رجل، رجل في الشارع يحمل مكنسة تنتهي إلى يد آدمية يدفع بها الفضلات، ومن الطريف أنه لايوجد
في الفيلم أي كلب أو أندلس!
له فيلم ثاني بعنوان ( العصر الذهبي ) , ولوحات عديدة و أشهرها على الإطلاق لوحة بعنوان ( إالحاح الذاكرة ) تصوّر عدداً من الساعات
المتعرجة المنصهرة الذائبة والمتوزعة في منظر طبيعي هادئ بشكل موحش .

لم تقتصر أدلة غرابته و صفات جنونه على أعماله فحسب بل كانت تترك طابعها على علاقاته مواقفه و مراحل حياته كافة كدفعه صديقه عن
حافة عالية كادت تقتله، أو تعذيب هرّة حتى الموت واجداً في أعماله تلك متعة كبيرة كالتي كان يشعر بها حين يعذب نفسه أيضاً حيث كان
يرتمي على السلالم ويتدحرج أمام نظر الآخرين! .


في عام 1984 احترق دالي في غرفته ضمن ظروف مُريبة ربما كانت محاولة انتحار، لكنه لم يمت وعاش خمس سنوات تالية!
في 23 يناير 1989 توفى دالى تاركاً إشارة استفهام ضخمة حول حجم الإرث الذي خلّفه و مع كلّ لمسة كان يحار حتى هو بمسارها و تفسيرها لكنها
كانت إبداعاً خالصاً وإرثاً تراثياً شعبياً على حد قوله .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More