بحث

الجمعة، 1 فبراير 2013

أمنية قبل القصف ,, آلام ما بعده ..


أمنية قبل القصف ,, آلام ما بعده ..


إعداد : أريج حمود

هل يمكن أن يكون التأثير أكبر, و الجرح أعمق ؟!
التفكير في الإجابة على هذا السؤال لا تزيد الجرح إلا اتّقاداً , لذلك أفضل عدم التفكير , ولكن إجابات كثيرة تباغت رأسي _الذي لا يحيد مطرقاً نحو السّماء_ مرافقة كلّ صوت يخترق أذناي مطلّاً عليّ من هنا ..
فهنا دمشق ,, و هناك في جنوبها بيتنا ,, و نحن فيه ذلك اليوم , ليلة القصف الأولى , تركنا غرفه الكثيرة و المريحة و تجمّعنا في الطابق الأسفل حيث غرفة مظلمة يتيمة , عسانا نتّقي قذيفة إذا ما اختارت على سبيل الصدفة أن تنزل
فيه !
تهبط عليك ليلة كهذه فيخيّل إليك أن الصباح لن يجيء , و أنّ المستقبل المشرق ضرب من الوهم الوردي لا أكثر !
و أصعب المشاعر على الإطلاق تجرّها لك أفكارك عن ماهية الموت المنتظر مع كلّ ومضة إطلاق يتلوها دويُّ ذلك الصوت ,, و من ثمّ تنفتح قذائف الحقد العشوائية مثيرة في رأسك زوبعة تدور فيها حلقات من الذكرى ,, شرائط
صور ,, بحار دموع ,, أصوات ,, ذنوب ,, أحلام ,, و أمنيات كثيرة مؤجلة .
تتعدد الخواطر و القلق البركانيّ المستعر واحد , فأنت الآن تتجرّع غصّة أحلام قد تنهار دفعة واحدة بقذيفة واحدة فقط ! , تطيح بقدميك مثلاً , أو أي عضو آخر فيك ,, أو ربما تلقيك على صفحة الحياة مشوّهاً بألم كسيح ,
و عجزٍ كاسح يرافقك حتى الموت , ربما تقتل كلّ من حولك و تبقيك , و عليك هنا أن تعيش الألم أضعافا مضاعفة لا تزيدها أصوات الصباح القادمة إلّا اشتعالاً .
يغادر الليل كسلحفاة , و يأتي الفجر أخيراً مع خاطرة تلخّص المشهد , و تطبع شيئاً من الحرقة فيك ; لأنك الآن و أكثر من أي وقت تدرك جيّداً أنك عشت كابوساً من توقّعات " لم تقع " , و كثر غيرك من عاشها كابوساً أبديّاً
سيلازمه بقيّة حياته , يوقظه في الليلة الواحدة عدة مرات , بشهقات ليلة القصف الأولى إيّاها .
كتب إسلام أبو شكير مرة يقول : " الموت على فراشه يتمطّى , فنجان قهوته إلى جانبه , عينا الموت حمراوان فسهرة الأمس كانت طويلة , سهرة ماجنة , أجساد من حوله كانت تتلوى , رؤوس تتدحرج , صرخات و كؤوس دم,
و في الخارج مسيرة دبابات حاشدة تجوب الشوارع , تنادي بالخلود للإله الهالك و بالهلاك للشعب الخالد "
أصادق على كلامه من واقع و عمق معايشة , فطريقنا الذي سلكناه في الصباح خارجين من الحي هو نفسه الذي سلكه الموت قادماً إلينا , وآثار الموت و أدواته على قارعة الطريق تشهد بذلك , و رائحه الدم الحرام تخدش فينا الإنسانية ,
لنستشعر فيما بعد أن دقّات الخوف تلك أصبحت معاول هدمت فينا كلّ مبالاة بتفاهات الحياة , و قد باتت عيناً تبصّرنا حقائق لم نكن لندركها يوماً هي في صميم الإنسانية بمكان , و تصرخ تلك الدّقات في كلّ كبوة تهزّنا هزّا ,
أن قم ففي الحياة ظلم أنت مدركه ,
و للحياة عقيدة أنت محييها , و لك في هذه الحياة حُلُم ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More